قال السدي : كان شريكان في بني إسرائيل أحدهما مؤمن والآخر كافر فافترقا على ستة آلاف دينار لكل واحد منهما ثلاثة آلاف دينارثم افترقا فمكثا ما شاء الله تعالى أن مكثا ثم التقيا فقال الكافر للمؤمن : ما صنعت في مالك ؟ أضربت به شيئاً أتجرت به في شيء ؟ قال له المؤمن : لا ، فما صنعت أنت؟ فقال : اشتريت به أرضاً ونخلاً وثماراً بألف دينار . قال ـ فقال له المؤمن : أو فعلت ؟ قال : نعم . قال : فرجع المؤمن حتى إذا كان الليل صلى ما شاء الله تعالى أن يصليفلما انصرف أخذ ألف دينار فوضعها بين يديه ثم قال : اللهم إن فلاناً ـ يعني شريكه الكافر ـ اشترى أرضاً ونخلاً وثماراً بألف دينار ثم يموت غداً ويتركها . اللهم إني اشتريت منك بهذه الألف دينار أرضاً ونخلاً وثماراً وأنهاراً في الجنة . قال : ثم أصبح فقسمها في المساكين . قال : ثم مكثا ما شاء الله تعالى أن يمكثا ثم التقيا فقال الكافر للمؤمن : ما صنعت في مالك أضربت به في شيء ؟ أتجرت به في شيء؟ قال : لا . قال : فما صنعت أنت ؟ قال كانت ضيعتي)مزرعتي( قد اشتد علي مؤنتها فاشتريت رقيقاً )عبيداً( بألف دينار يقومون لي فيها ويعملون لي فيها ، فقال له المؤمن : أو فعلت ؟ قال : نعم . قال : فرجع المؤمن حتى إذا كان الليل صلى ما شاء الله تعالى أن يصلي ، فلما انصرف أخذ ألف دينار فوضعها بين يديه ثم قال : اللهم إن فلاناً ـ يعني شريكه الكافر ـ اشترى رقيقاً من رقيق الدنيا بألف دينار يموت غداً فيتركهم أو يموتون فيتركون ، اللهم إني اشتريت منك بهذه الألف دينار رقيقاً في الجنة . قال : ثم أصبح فقسمها في المساكين . قال : ثم مكثا ما شاء الله تعالى أن يمكثا ثم التقيا فقال الكافر للمؤمن : ما صنعت في مالك ، أضربت به في شيء ؟ أتجرت به في شيء ؟ قال : لا . فما صنعت أنت ؟ قال : كان أمري كله قد تم إلا شيئاً واحداً فلانة قد مات عنها زوجها فأقرضتها ألف دينار فجاءتني بها ومثلها معها . فقال له المؤمن : أو فعلت ؟ قال : نعم . قال : فرجع المؤمن حتى إذا كان الليل صلى ما شاء الله تعالى أن يصلي فلما انصرف أخذ الألف دينار الباقية فوضعها بين يديه وقال : اللهم إن فلاناً ـ يعنيشريكه الكافر ـ تزوج زوجة من أزواج الدنيا بألف دينار فيموت غداً فيتركها أو تموت غداً فتتركه اللهم وإني أخطب إليك بهذه الألف دينار حوراء عيناء في الجنة ـ قال : ثم أصبح فقسمها بين المساكين . ـ قال : فبقىالمؤمن ليس عنده شيء فخرج شريكه الكافر وهو راكب فلما رىه عرفه فوقف عليه وسلم وصافحه ، ثم قال له : ألم تأخذ من المال مثل ما أخذت ؟ قال : بلى . قال : وهذه حالي وهذهخ حالك ؟ قال : أخبرني ما صنعت في مالك ؟ قال : أقرضته . قال : من ؟ قال : المليء الوفي . قال : من ؟ قال : الله ربي . قال : فانتزع يده من يدي ثم قال : أئنك من المصدقين أئذا متنا وكنا تراباً وعظاماً أئنا لمدينون  ؟ قال السدي : محاسبون . قال : فانطلق الكافر وتركه فلما رآه المؤمن وليس يلوي عليه رجع وتركه وجعل يعيش المؤمن في شدة من الزمن ويعيش الكافر في رخاء من الزمان . قال: فإذا كان يوم القيامة وأدخل الله تعالى المؤمن الجنة يمر فإذا هو بأرض ونخل وثمار وأنهار فيقول : لمن هذا ؟ فقال: هذا لك فيقول : يا سبحان الله أو بلغ من فضل عمليأن أثاب بمثل هذا ؟ قال : ثم يمر فإذا هو برقيق لا تحصى عدتهم ، فيقول : لمن هذا ؟ فيقال : هؤلاء لك . فيقول : ياسبحان الله أو بلغ من فضل عملي أن أثاب بمثل هذا ؟ قال: ثم يمر فإذا هو بقبة من ياقوتة حمراء مجوفة فيها حوراءعيناء ، فيقول : لمن هذه ؟ فيقال : هذه لك . فيقول : يا سبحان الله أو بلغ من فضل عملي أن أثاب بمثل هذه ؟ قال: ثم يذكر المؤمن شريكه الكافر فيقول : إني كان لي قرين يقول أئنك لمن المصدقين أئذا متنا وكنا تراباً وعظاماً أئنا لمدينون  قال : فالجنة عالية والنار هاوية . قال : فيريه الله تعالى شريكه في وسط الجحيم من بين أهل النارفإذا رآه المؤمن عرفه . فيقول : تالله إن كدت لتردين ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين أفما نحن بميتين إلا موتتنا الأولى وما نحن بمعذبين إن هذا له الفوز العظيم لمثل هذا فليعمل العاملون  بمثل ما قد من عليه . قال : فيتذكر المؤمن ما مر عليه في الدنيا من شدة فلا يذكر مما مر عليهفي الدنيا من الشدة أشد عليه من الموت . ) أخرجه ابن أبي حاتم . وذكره ابن كثير في تفسير سورة الصافات ( .